كتب/ احمد الشناوي
الفخار: فنٌّ قديمٌ وعالمٌ متنوع
الفخار هو فنّ صناعة الأدوات والأواني من الطين، ويتمّ تشكيله باستخدام النار، مما يجعله واحدًا من أقدم المهن التقليديّة في تاريخ الإنسانية. يمتاز الفخار بجماله وعملية تصنيعه الفريدة، كما يُعتبر من الصناعات اليدوية المشهورة التي تنتج مجموعة متنوعة من المنتجات الفخارية، المعروفة بالأعمال الخزفية. في هذا المقال، سنتناول تقنيات صناعة الفخار، مكوناته، أنواعه، وتاريخه العريق.
تقنيات صناعة الفخار
1. صناعة الفخار بالعجلة
تُعدّ تقنية العجلة واحدة من أبرز أساليب صناعة الفخار، حيث يتم تصميم الصلصال باستخدام عجلة الفخار التي تعتمد على أداة تقوم بنسخ شكل النموذج الرئيسي وإنتاجه. تبدأ العملية بوضع كميّة مناسبة من الطين على مركز العجلة، ومن ثم يتم تشغيلها لتدوير الطين، مما يسمح للصانع بتشكيله إلى الأشكال المرغوبة. وبعد ذلك، يُصب الفخار في قالب أو يُقطع إلى ألواح أو مربعات، ثم يُجفف على درجة حرارة مرتفعة لتقويته.
2. صناعة الفخار باليد
تعتبر صناعة الفخار باليد من الأساليب التقليدية التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم. تتم هذه العملية عن طريق تشكيل الطين باليد، حيث يتم ضغط كرة الطين وتشكيلها إلى وعاء، باستخدام أسلوب اللف لجعل الطين يصل إلى الارتفاع المطلوب. تُعزز هذه التقنية الإبداع الشخصي للصانع، مما يمنح كل قطعة طابعها الخاص.
3. صناعة الفخار بالنار
تُستخدم النار في تجفيف الفخار ومنع ذوبانه عند ملامسته للماء. يتطلب ذلك تعرض الفخار لدرجات حرارة عالية، حيث يساهم التحول الكيميائي الذي يحدث خلال عملية التشكيل في تحسين خصائص الفخار. في العصور السابقة، استخدم الخزافون أفرانًا زجاجية ضخمة تعمل بالفحم، ولكن مع تطور التكنولوجيا، استُبدل الفحم بوقود أنظف، مثل الغاز الطبيعي والكهرباء.
4. صناعة الفخار في المنزل
يمكن للمهتمين بفن الفخار تشكيله في المنزل باتباع خطوات بسيطة:
- تحضير الطين: يبدأ الأمر بالحصول على صلصال مناسب وتنظيفه من الشوائب.
- التشكيل: يمكن تشكيل المجسم المرغوب به باستخدام اليد أو الآلة الدورانية.
- الصقل والتجميل: بعد تشكيل المجسم، يجب صقله وإزالة الزوائد، وإضافة الزخارف أو الألوان.
- التجفيف والشوي: يترك المجسم ليجف ثم يُشوى لزيادة تماسكه.
خطوات صناعة الفخار
تتضمن عملية صناعة الفخار مجموعة من الخطوات الأساسية:
1. خلط الطين
تبدأ العملية بخلط الطين، حيث يُضاف الماء إلى الطين في خزّان خاص. تُعتبر هذه الخطوة حاسمة لضمان قابلية الطين للتشكيل.
2. التجويف
يستخدم صانع الفخار يديه أو آلة خاصة لتشكيل عمق الأواني، مثل المزهريات. يتم لف الأسطوانة بالتزامن مع الطين الرطب لتشكيل المجسم المطلوب.
3. الصبّ
يتم صب الفخار في قوالب من الجص، مما يزيد من متانته ويضمن جفافه بشكل أفضل. تُستخدم قوالب مختلفة تحتوي على زخارف تُضفي جمالًا على القطعة.
4. التزجيج
هذه المرحلة تشمل التأكد من جفاف الفخار، ثم تطبيق الطلاء عليه. يمكن استخدام لون واحد أو مزيج من الألوان لإضفاء تميز وجمال على القطعة.
5. الحرق
الخطوة الأخيرة هي حرق الفخار في أفران خاصة، مما يساعد في تجفيفه ويجعله جاهزًا للاستخدام.
مكونات الفخار
يتكون الفخار من عدة مكونات رئيسية تُحدد نوعه وجودته، ومن أهمها:
- الكاولين: مادة أساسية تتكون من سيليكات الألمنيوم، تُستخدم في صناعة الخزف.
- كرة الطين: تحتوي على نسبة رطوبة مرتفعة، تُستخدم في صناعة الفخار نظرًا لخصائصها الفريدة.
أنواع الفخار
تتنوع أنواع الفخار بحسب طريقة التصنيع وخصائص المواد المستخدمة:
1. الخزف
يُعتبر الخزف أقدم أنواع الفخار، حيث يعود تاريخه إلى حوالي 9000 عام. يتميز بجودته العالية وخصائصه الفريدة.
2. الخزف الحجري
يتميز هذا النوع بصلابته وشبه شفافه، ويمكن أن يتوفر بألوان متعددة مثل الأحمر والأسود.
3. البورسلان
يُعتبر هذا النوع من الفخار الأكثر تطورًا، حيث يُستخدم الطين الأبيض المعروف بالكاولين. يُعتبر البورسلان رمزًا للجودة والدقة في الصناعة.
تاريخ صناعة الفخار
شهدت صناعة الفخار تطورات كبيرة عبر العصور، بدءًا من مرحلة ما قبل التاريخ حيث استخدم الإنسان الفخار في إعداد الطعام، إلى العصر الحديث الذي يشهد تطورًا ملحوظًا في التقنيات والأساليب المستخدمة.
1. مرحلة ما قبل التاريخ
في هذه المرحلة، تم استخدام الفخار في مجالات عدة، مثل حفظ الطعام، وبرزت أشكال وزخارف متنوعة.
2. العصر البرونزي
شهدت هذه الفترة تطورًا في صناعة الفخار مع ظهور تماثيل وأوانٍ زينة للسفن.
3. المرحلة الإسلامية
تجلى تأثير الفنون الإسلامية في صناعة الفخار، حيث برع الخزافون في تصميم الأواني وزخرفتها، مما أثرى التراث الثقافي.
4. العصر الحديث
امتد هذا العصر من القرن الثامن عشر وحتى اليوم، حيث تم تطوير صناعة الفخار بطرق جديدة وتقنيات متقدمة، مما أدى إلى زيادة الإنتاج وانتشار الفخار في جميع أنحاء العالم.
الخاتمة
تظل صناعة الفخار فنًا قائمًا بحد ذاته، يجمع بين الإبداع والحرفية، ويمثل جزءًا من التراث الثقافي الغني للإنسانية. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يبقى الفخار رمزًا للجمال والوظائف العملية، مما يجعل منه منتجًا دائم الأهمية في حياة البشر.